((فى يوم من
الايام استيقظ رجل فجر يوم على صوت هرة تموء بجانب فراشه،وتتمسح به،وتلح فى
ذلك الحاحا غريبا:فراعه امرها،و اهمه همها،فقال:لعلها جائعة،فنهض الرجل و
احضر لها الطعام،فعافته،وانصرفت عنه،فقال:لعلها ظماى،فارشدها الى الماء،فلم
تحفل به،و انشات تنظر اليه نظرات تنطق بما تشتمل عليها نفسها من الالام،و
الاحزان:فاثر منظرها فى نفسه تاثيرا شديدا،حتى تمنا ان لوكان سليمان،ليفهم
لغة الحيوان:ليعرف حاجتها،و يفرج كربتها.
وكان باب الغرفة مغلقا،فراها انها تطيل النظر اليه،وتلتصق به كلما راته
يتجه نحو الباب،فادركها غرضها،وعرف انها تريد ان يفتح لها الباب،فاسرعها
بفتحه.
فما ان وقع نظرها على الفضاء،ورات وجه
السماء،حتى استحالت حالتها من حزن وهم الى غبطة سرور،وانطلقت تعدو فى
سبيلها،وعاد الرجل الى فراشه واسلمها راسه الى يديه،وانشاها يفكر فى امر
هذه الهرة،واعجب لشانها،وقال:ليت شعرى!هل تفهم هذه الهرة معنى الحرية؟فهى
تحزن لفقدانها،وتفرح بلقياها.
اجل انها تفهم معنى الحرية حق الفهم،وما كان
حزنها،ورجاؤها،وتمسحها والحاحها الاسعيا وراء بلوغها الحرية:فالحرية شمس
يجب ان تشرق فى كل نفس،فمن عاش محروما منها،عاش فى ظلمة حالكة،الحرية هى
الحياة،ولولاها لكانت حياة الانسان اشبه شئ بحياة اللعب المتحركة فى ايدى
الاطفال.
ان الانسان الذى
يمد يديه لطلب الحرية،ليس بمتسول،ولامستجد،وانما هو يطلب حقا من حقوقه التى
سلبته المطامع البشرية،فان ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه،ولايد لاحد
عنده)).
الرئيسية 
الذهب