صمتت الأصوات
لتترك الموسيقي الكبير، الذي يعد أحد أهم من أثرى الموسيقى الكلاسيكية
بأعماله، في عالم من السكون. ولكن الصمم لم يمنع بيتهوفن من الإبداع، حتى
أنه كتب في هذه الفترة أفضل أعماله.
شهدت مدينة بون الألمانية ميلاد الفنان العبقري لودفج فان بيتهوفن عام
1770. وظهر تميزه الموسيقي منذ صغره، فنشرت أولى أعماله وهو في الثانية عشر
من عمره عام 1783. واتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكرة، ثم زاد إنتاجه
وذاع صيته كمؤلف موسيقى. عانى بيتهوفن كثيراً في حياته، عائلياً وصحياً.
فبالرغم من أن أبيه هو معلمه الأول الذي وجه اهتمامه للموسيقى ولقنه العزف
على البيانو والكمان، إلا أنه لم يكن الأب المثالي، فقد كان مدمناً للكحول.
كما أن والدته توفيت وهو في السابعة عشر من عمره بعد صراع طويل مع المرض،
تاركة له مسئولية العائلة. مما منعه من إتمام خطته والسفر إلى فيينا، عاصمة
الموسيقى في ذلك العصر. فهل كان التأليف الموسيقي هو نوع من أنواع العلاج
والتغلب على المشاكل بالنسبة لبيتهوفن؟
حياته في فيينا عاصمة الموسيقى
تمثال بيتهوفن في مدينة فيينا
في 1789 تحقق حلمه أخيراً، فقد أرسله حاكم بون إلى فيينا، وهناك تتلمذ على
يد هايدن. ولكن بيتهوفن، صاحب الألحان واجه بعض الخلافات مع معلمه، وعندما
سفر هايدن إلى لندن، تحول بيتهوفن إلى معلمين آخرين مثل ساليري وشينك
وألبريشتبيرجر. وقد أسهمت كل هذه الدروس والاحتكاكات في تكوين شخصية
بيتهوفن الفنية. وحاول أن يشق لنفسه طريق كعازف في عاصمة الموسيقى، وسرعان
ما لاقى مكانة كبرى خاصة في الأوساط الأرستقراطية. فقد حاز بإعجاب الأسرة
الملكية وعومل كصديق أكثر منه مؤلفاً. بالرغم من ذلك فقد عاش ومات فقيراً،
غناه هو أعماله الفنية المتميزة. فقد جاء إنتاجه الفني غزيراً حتى بعد
إصابته بالصمم.
صمم بيتهوفن والتحول الكبير في شخصيته
بدأت إصابة بيتهوفن بصمم بسيط عام 1802، فبدأ في الانسحاب من الأوساط
الفنية تدريجياً، وأمضى حياته بلا زواج يرتبط بعلاقات عدة مع سيدات صغيرات.
إلا أنه لم يتوقف عن الإنتاج الفني، ولكن أعماله اتخذت اتجاه جديد. ومع
ازدياد حالة الصمم التي أصابته، امتنع عن العزف في الحفلات العامة، وابتعد
عن الحياة الاجتماعية واتجه للوحدة، وقلت مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيداً.
حتى أنه رد على انتقادات نقاده بأنه يعزف للأجيال القادمة. وبالفعل مازالت
أعماله حتى اليوم من أهم ما أنتجته الموسيقى الكلاسيكية العالمية. واكتسبت
اثنان من السيمفونيات التي كتبها في صممه أكبر شعبية، وهما السيمفونية
الخامسة والتاسعة. كما أنه أحدث الكثير من التغييرات في الموسيقى، وأدخل
الغناء والكلمات في سيمفونيته التاسعة.فجاءت رسالته إلى العالم "كل البشر
سيصبحون إخوة"