أسنان المشط........
أنهم .....مثلنا تماما ..... يعيشون معنا .... يتنفسون من نفس الهواء الذي نتنفسه .... ويحيون في نفس الأرض التي نحي فيها منهم السود
ومنهم البيض .... ولهم أجساد بشرية ......مثلنا أيضا ولكن.....
يختلفون عنا في شيء واحد ..... نحن..... نعيش فوق الأرض ...... وهم تحتها ...... نحن ...... جلودنا ناعمة حساسة أجسادنا.....
معطرة وشعورنا بلا حشرات ونلبس الأحذية الجميلة والباهظة الثمن .....
نصرخ فزعا من الهواء الذي يلفح بشرتنا من حرارة أشعة الشمس ..... نتألم من وخز الشوك ...... نشم الورد ...... نلتهم العسل ..... ننام على الريش .. ونلبس الحرير .......ومع ذلك قلوبنا قاسية .... متحجرة ...... ساهية ........ نفوسنا تملئها الضغينة .... ناقمين ...... جاحدين ..... كارهين لكل شيء يمس النعيم الذي نعيش فيه أو يقترب منه أو حتى يهدده
~~~~~~ ~~~~~~
هم..... جلودهم قاسية ....من شدة الكد .... شعورهم مغبرة من غبار الأرض
أحذيتهم ممزقة وأحيانا يبقون حفاة ... من قلة المال ...
يأكلون مما تبقى من طعامنا وأحيانا يأكلون الشوك ...
ينامون على الورق ويلبسون الخيش ......ويلتهمون الظلم
ويصبرون على المر ...... وأشعة الشمس الحارقة أحرقت جلودهم المشققة ...... ولكنهم ..... راضون ....صابرون ......مؤمنون
شاكرون ....... عابدون ..... حامدون .... عفيفين .......
ولكنهم تحت الأرض ...... لأننا لم نراهم وهم يدفنون بين طيات الفقر ..... ومع اننا سواسية كأسنان المشط إلا أننا دهسنا عليهم
نعم .... نزعناهم من بيننا لأنهم حفاة عراة ....أسميناهم أسماء كثيرة ...... ولكنها ليست جميلة ..... أسميناهم العبيد .....أسميناهم الخدم .......أسميناهم الأجانب .....أسميناهم القذرين ...........
وجعلنا بيننا وبينهم .... طرق وعرة من التكبر والاشمئزاز
وأصبحت أسنان المشط منزوعة ....الضعيف منها يزال ويلقى بعيدا و لم يتبقى منها غير القوي والمتين .... نحن كسرنا بعض أسنان المشط ...... كسرناه عنوة لكي لا يبقى بيننا غير القوي والغني ....
أصبح المشط أغلبه فارغ لا قيمة لاستخدامه كل منا عاش بمفرده
فلم نشعر ببعضنا هم ...... يكدون ويتعذبون لكي يبحثوا عن قوت يومهم ونحن..... نتعذب أيضا ....ولكن عذابنا يختلف عنهم بكثير
نحن نعذب أنفسنا باحثين عن المزيد من النعيم الجسدي والرغبات التي لا تنتهي .....مزيدا من الرفاهية وبعيدا عن الإحساس بهم وبما يعانون ...... وعندما نحاول ان نعطيهم ...
يا ليتنا نعطيهم شيء يستحق .... نعطيهم من بقايا متاعنا فرحين بما فعلنا مصاحبين العطاء العقيم بالمن والأذى المهين المشط المكسور أسنانه لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي ...
لأنها لم يبقى منها غير فئة آلية بلا إحساس ولا مشاعر ولا قلوب لينة بل فئة تحكمها أهوائها ورغباتها نفوس عقيمة لا حياة فيها إلا.....
ما رحم الله