إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي | طفا بردها حرَّ الصبابة ِ والوجدِ |
وذكرني قوماً حفظتُ عهودهمْ | فما عرفوا قدري ولا حفظوا عهدي |
ولولاَ فتاة ٌ في الخيامِ مُقيمَة ٌ | لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوماً على البعدِ |
مُهفْهَفة ٌ والسِّحرُ من لَحظاتها | إذا كلمتْ ميتاً يقوم منْ اللحدِ |
أشارتْ إليها الشمسُ عند غروبها | تقُول: إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي |
وقال لها البدرُ المنيرُ ألا اسفري | فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ |
فولتْ حياءً ثم أرختْ لثامها | وقد نثرتْ من خدِّها رطبَ الورد |
وسلتْ حساماً من سواجي جفونها | كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ |
تُقاتلُ عيناها به وَهْوَ مُغمدٌ | ومنْ عجبٍ أن يقطع السيفُ في الغمدِ |
مُرنِّحة ُ الأَعطاف مَهْضومة ُ الحَشا | منعمة الأطرافِ مائسة القدِّ |
يبيتُ فتاتُ المسكِ تحتَ لثامها | فيزدادُ منْ أنفاسها أرج الندّ |
ويطلعُ ضوء الصبح تحتَ جبينها | فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعد |
وبين ثناياها إذا ما تبسَّمتْ | مديرُ مدامٍ يمزجُ الراحَ بالشَّهد |
شكا نَحْرُها منْ عِقدها متظلِّماً | فَواحَربا منْ ذلكَ النَّحْر والعقْدِ |
فهل تسمح الأيامُ يا ابنة َ مالكٍ | بوصلٍ يداوي القلبَ من ألم الصدِّ |
سأَحْلُم عنْ قومي ولو سَفكوا دمي | وأجرعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ الملا وحدي |
وحقّكِ أشجاني التباعدُ بعدكم | فها أنتمُ أشجاكم البعدُ من بعدي |
حَذِرْتُ من البيْن المفرِّق بيْننا | وقد كانَ ظنِّي لا أُفارقكمْ جَهدي |
فإن عانيت عيني المطايا وركبها | فرشتُ لدَى أخْفافها صَفحة َ الخدّ |