عجبتْ عبيلة ُ منْ فتى ً متبذل | عاري الأشاجع شاحِبٍ كالمُنْصُلِ |
شَعْثِ المَفارِقِ مُنهجٍ سِرْبالُهُ | لم يدَّهنْ حولاً ولم يترجل |
لايكتسى الاَّ الحديدَ إذا اكتسى | وكذلكَ كلُّ مغاور مستبسل |
قد طالَ ما لبِسَ الحديدَ فإنَّما | صدأ الحديدِ بجلدهِ لم يغسل |
فتضاحَكتْ عَجباً وقالَتْ: يا فتى | لا خير فيكَ كأنها لم تحفل |
فعجبتُ منها حين زَلّتْ عينُها | عن ماجد طَلْقِ اليدَين شَمَرْدَلِ |
لا تَصْرميني يا عُبيلُ وَرَاجعي | فيَّ البصيرة َ نظرة َ المتأمل |
فلربَّ أملحَ منكِ دلاَّ فاعلمي | وأَقَرَّ في الدّنيا لعينِ المُجْتلي |
وَصَلَتْ حبالي بالذي أنا أهلُهُ | من ودها وأنا رخيُّ المطول |
يا عَبلُ كم من غمرة ٍ زُهاءَها | بالنَّفْسِ مَا كَادتْ لَعمرك تَنْجَلي |
فِيها لَوامعُ لَوْ شهدت زْهاءَها | لسلوتِ بعد تخضبٍ وتكحل |
إما تَرَيْني قد نَحَلْتُ وَمَنْ يكنْ | غَرَضاً لأَطْرافِ الأَسِنَّة ِ يَنْحَلِ |
فلربَّ أبلجَ مثل بعلكِ بادنٍ | ضَخْمٍ على ظهر الجواد مُهيّل |
غادرتهُ متعفراً أوصاله | والقومُ بين مجَرحٍ ومجدل |
فيهم أخو ثقة ٍ يضاربُ نازلا | بالمشْرفيّ وفارسٌ لم يَنزِلِ |
ورماحنا تكفُ النجيعَ صدورها | وسيوفنا تخلي الرقابَ فتختلي |
والهامُ تنذرُ بالصعيد كأنما | تُلْقي السُّيوفُ بها رُؤوس الحنظل |
ولقد لَقيتُ الموْتَ يوْمَ لَقيتُه | متَسرْبلاً والسَّيفُ لم يَتسرْبل |
فرأيتنا ما بيننا من حاجزٍ | إلاّ المجنُّ ونصلُ أبيض مقصل |
ذكرً أشقُّ به الجماجم في الوغى | وأقولُ لا تقطعْ يمينُ الصيقل |
ولرُبَّ مشعِلة ٍ وَزَعتُ رعالَها | بمقلصٍ نهدٍ المراكل هيكل |
سلس المعذر لا حقٍ أقرابه | مُتقلّبٍ عَبَثاً بفأْس المِسْحَلِ |
نَهْدِ القَطاة ِ كأَنها منْ صَخْرَة ٍ | مَلْساءَ يَغْشاها المسيلُ بمَحفَلِ |
وكأَنَّ هادِيَهُ إذا اسْتَقْبَلْتَهُ | جذعٌ أذلَّ وكان غيرَ مذلل |
وكأنَّ مخرج روحهِ في وجههِ | سَرَبَانِ كانا مَوْلَجينِ لجيأَل |
وكأنَّ متنيهِ إذا جردتهُ | ونزعتَ عنهُ الجلَّ متنا أيلِ |
ولهُ حوافرُ مُوثَقٌ ترْكيبُها | صمُّ النسور كأنها من جندل |
ولهُ عَسِيبٌ ذُو سَبيبٍ سابغٍ | مثل الرداء على الغنيَّ المفضل |
سلسُ العنانِ إلى القتالِ فعينهُ | قبلاءُ شاخصة ٌ كعين الأحول |
وكأنَّ مشيتهُ إذا نهنهتهُ | بالنّكْلِ مِشْية ُ شارِبٍ مُسْتَعجلِ |
فعليهِ أَقْتَحِمُ الهِياجَ تقَحُّماً | فيها وأنقضُّ انقضاضَ الأجدلِ |