علم الآثار هو علم متخصص في دراسة آثار الإنسان ومخلفاته المادية ، أو البحث العلمي لمخلفات ( الحضارات الإنسانية ) الماضية ،وتشمل هذه الدراسة المخلفات التي يتركها العمائر والمباني ، وأدواته الخاصة من فخاريات وعظام ، والقطع الفنية ، ويبدأ البحث والدراسة في هذا العلم ببداية صنع وابتكار الإنسان لأدواته، و يطلق على علم الآثار إسم ( علم العاديات ) ، وينسب هذا الإسم إلى قبيلة ( عاد ) البائدة .
وتظهر نتائج هذه الأبحاث والدراسات جوانب كثيرة من حياة الشعوب في زمنٍ ما ، وأكتشاف أوجه الشبه في طبيعة الحياة والمعيشة بين تلك القبائل القديمة البائدة ، وبين حياتنا في العصور الحديثة ، ويسهم كل ما يكتشفه العالم من أدوات في رسم الحياة التي كانت عليها الشعوب في العصور القديمة ، وهذه الدراسه هي السبيل الوحيد في كشف ماهية وطبيعة الحياة للمجتمعات التي وجدت قبل اختراع الكتابة ، كما أن هذا العلم يشكل مرجعاً مهماً في اثراء المعلومات عن تلك المجتمعات التي تركت وعرف عنها عن طريق سجلات مكتوبة .
يعد علم الآثار فرعاً من علوم الإنسان ( الأنتربولوجيا ) في القارة الأمريكية ، لأن الأخير مختص بدراسة الجنس البشري وما انشق عنه من تراث فكري ومادي ، أما في أوروبا فيرتبط هذا العلم ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ ، غير أن الإختلاف كبير بين العلمين لأن المؤرخين يقومون بالتركيز في دراستهم على مسيرة الشعوب ، مستندين في تلك الدراسات إلى السجلات المكتوبة ، في حين يستند علم الآثار في أبحاثه إلى كيفية تطور الحضارات القديمة ، ومعرفة مكانها وزمانها ، والبحث في أسباب التغييرات الأساسية التي جعلت الإنسان القديم على سبيل المثال يتوقف عن الصيد ، ويتجه إلى الزراعة ، ويقومون بتطوير نظريات للأسباب التي جعلت من الناس في تلك العصور للإتجاه لإقامة الطرق التجارية ، وبناء المدن ، والبحث في الأسباب الكامنة وراء انهيار تلك الحضارات ، كالحضارة الرومانية في أوروبا ، وحضارة المايا في أمريكا الوسطى .
يقوم علماء الآثار بدراسة أي دليل يمكنهم من معرفة شكل حياة الإنسان القديم ، وتحديدا منذ الإنسان الأول الذي استوطن الأرض ، وصولاً إلى الإنسان المعاصر ، وتستند تلك الدراسات على الأدلة الباقية من آثار بقايا مدنٍ كبيرة ، وبعض القطع الحجرية ، ويعتمدون في دراساتهم على عدة أدلة وهي :-
اللقى الطبيعية ، اللقى المصنوعة الثابتة والمنقولة .
والموقع الأثري هو الدليل الأول والأهم الذي يستند عليه عالم الآثار في دراساته وأبحاثه ، وتحديد الموقع الأثري هو الخطوة الأولى والأهم التي يجب أن يسلكها العالم ، ويمكن أن تتواجد تلك المواقع فوق سطح الأرض أو تحتها ، أو في أعماق الماء ، ويتم معرفة هذه الأمور بناءاً على المعلومات التي قام العالم بجمعها عن طريق تقنياتٍ خاصة ، وبالتالي يقوم العالم بعملية مسح للمنطقة سيراً على الأقدام ، وهي الطريقة التقليدية لإكتشاف المواقع الأثرية ، ويسير العلماء متباعدين في عملية المسح باتجاهات مرسومة ، يختص كل واحدٍ فيهم بالبحث عن دليل معين ، ويتبع العلماء في بحثهم هذا طرقاً علمية للمساعدة على كشف تلك المواقع ، وأيضاً يستندون إلى علاماتٍ طبيعية كـ طول النباتات في مساحةٍ ما وطريقة التي نمت فيها تلك النباتات ، وبعد عملية المسح للمنطقة يتحول العالم إلى عملية المسح للموقع ، عن طريق وصفه أولاً والتقاط الصور له وتسجيل المعلومات والملاحظات ، ورسم الخرائط للموقع المكتشف ، وتستند تلك الخرائط على أهمية الموقع ، وهدف الدراسة ، والوقت والمال اللازمين في هذه الدراسة .