طبعا وللأسف كلنا تعرضنا للظلم والطعن في مراحل مختلفة من حياتنا،
ومن أشخاص مقربين منا لسبب أو لآخر، لكن كل واحد منا استغرق وقتا مختلفا عن الآخر ليتأقلم مع الأمر وينسى أو يعفو أو يرد الإساءة ... يرجع هذا الأمر إلى طبيعة هذا الشخص ومحيطه، فهناك من له عدد كبير من الأصدقاء احتضنوه في وقت أزمته ودعموه فخرج منها سريعا، وهناك من لم يبالي أو من توقع الخيانة فلم يحتاج لوقت طويل لينسى، وهناك من لم تستطع صداقاته إخراجه من صدمته ولم يتمكن الزمن من أن ينسيه ما تعرض له، ما أفقده الثقة في الغير ... تختلف النتائج وتختلف المدد التي نحتاجها للنسيان أو الصفح حسب ظروفنا التي نعيشها وقت الإساءة، أما بالنسبة للنسيان فهناك قول قديم بأن المرأة "قد تغفر الخيانة، ولكنها لا تنساها أبدا" وباعتبار أن الخيانة هي أقسى ما يمكن أن يقوم به صديق لصديقه فأعتقد أن هذه المقولة يمكن أن تعمم على أي فعل آخر، وأما بالنسبة للمغفرة فالأمر يتوقف على علاقتنا بالمهاجم ومدى عمق طعنته
كما يقول الدكتور فيل "الزمن لا يداوي الجراح، الزمن لا يفعل شيئا، ما يداويها هو ما تفعله أنت في ذلك الزمن"
... كلام جميل وكلام معقول، ولكنه يتطلب وجود طبيب لهذه الجراح، وليس أي طبيب، يستحسن أن يكون الجراح نفسه، هو من صنع الجرح، وهو من عليه أن يعالجه ... لكن هذا وحده لا يكفي، يحتاج هذا الجراح إلى عفو تام وشعور مؤلم بالندم، يحتاج إلى أن يرى بنفسه ما صنعت يداه، يحتاج إلى أن ينظف ما نزف من دماء ويعوضها ، يحتاج أن يتألم، أن يبكي، أن يندم بحق عما فعله، وعندما يثبت ذلك، وعندما يصدق مع نفسه ومع مريضه، يكون قد بدأ العلاج
سمحت لأشخاص عدة أن يطعنوني، لكني لم أسمح لأي منهم بالاقتراب مجددا، حتى وإن كان الأمر بغية علاجي ... عالجت نفسي بنفسي، ووضعتهم في المكان الذي ينتمون إليه، غرفة مظلمة في قلبي، إنها غرفة الإعدام، فلا حاجة لي في وجود خونة حولي ... كانت مرة واحدة، مرة واحدة فقط التي صمتت فيها ... وقفت حائرة تائهة لا أدري ما أفعل، رغبت في الركض والاختباء خلف أحدهم، ليحميني من صاحب هذا السهم الذي أتى في الصميم وأصاب كل الأجزاء الجميلة في حياتي، أثار دمارا شاملا وحطم صرح أحلامي بالكامل ... خفت منه فأغمضت عيني ولكني رأيته، كان هناك، رأيت عالمي ينهار بيديه، ورأيته يلطخ كل الصور الجميلة التي رسمتها له، رأيته ينزل من عرشه الذي بنيته له إلى الأسفل ينزل وينزل وينزل ... وبعد أن دمر كل شيء، عاد ليقول" أنا آسف"، كانت أول مرة أصمت فيها أمام كلمة آسف، كان هو من أردت الاختباء خلفه، والآن أرغب في الاختباء منه ... لست أدري لم لم أرسله إلى المقصلة مباشرة، أو ربما أدري، كل ما في الأمر أني قررت منحه فرصة أخرى، ربما لأنني ضعيفة أو ربما لأنه بدا صادقا أو ربما لأن هناك من دعمني من الأصدقاء وعلمني ألا أبني عرشا أعلى من عرشي لأحد أيا كان، وأخبرني أني في عالمي الخاص أكون أنا الأعلى ، أنا الأفضل، ولا يحق لأي كان أن يعبث بأحلامي وخيالي فهو لي وحدي