ايام الشتاء قاسية وباردة مثل قسوتك وبرودك يا سيدي ..ايام الشتاء تلوح لي باكية اني لارى في سماء اليوم تقاسيم وجهك الشاحبة وانا واقفة امام نافذتي لا اسمع سوى حشرجة انفاسي ودقات قلبي المضطربة اضطراب السماء ووقع حبات المطر ...للحظة انتابتني رغبة عارمة في الصراخ والبكاء وللحظة راودتني ذكريات الماضي ...عدت تطرق نافذتي وكالطفل تبكي وتطلب مني الغفران عذرا سيدي قلبي لا يمنح صكوك الغفران في الايام الماطرة ..عد في يوم اخر غير هذا اليوم ..اسدلت ستار النافذة لملمت اجزائي المتناثرة على زجاجهاوهممت بالمغادرة ...خرجت من المنزل ورحت اضرب الخطى في تلك الطرق المبتلة مثل معطفي الذي كان يقطر هو الاخر ...ضممت نفسي الى نفسي ورحت اعبر واتخطى كل الطرق الى ان قادتني قدماي الى احد الممرات الضيقة ...وقفت مشدودة الى احدى زواياها وقد لفت انتباهي منظر تلك القطة الشريدة وسط الظلام اقتربت منها بخطى متثاقلة لكنها لخوفها تكومت حول نفسها واخذت تموء بهدوء كان مواؤها كمعزوفة موسيقية حزينة او كبكاء امراة خائفة ...عدت ادراجي الى الخلف واخذت اقول بصوت مبحوح يخنقه الحزن والخوف لا تخافي لن اؤذيك ..حسنا ساغادر ...استدرت بحركة سريعة ومضيت في حال سبيلي .تجاوزت ذلك المكان الى شارع اخر وهناك جلست على احدى الكراسي واخذت ارقب حبات المطر وهي تسقط ليرتطم وجهها بالارض...... وانا جالسة تناهى الي صوت خشن ومبحوح ثم ربتت على كتفي يد ..يد احدهم ..الزائر مجهول الهوية ..توقف قلبي ...توقفت ساعة يدي ..توقف المطر واصابني الدوار كدت اهوي ارضا لو لم يمسكني بيديه لقد التقطني كحبة مطر واخذ يقول مهدئا من روعي سها انا مراد ...سها انا مراد ..بلغتني كلماته لكني لم ادركها فراسي عجز عن ترجمة الجملة ..سها انا مراد ..من تكون سها ومن يكون مراد قلت هذا وانا امسح بيدي على وجهي واحاول اخفاء دموعي ..جمعت ساقاي الى نحري ورحت ابكي بغصة وبمرارة العلقم قلت له ..امطرت السماء بعد السبع العجاف وابيضت عيناي لاني يا سيدي بكيتك بكاء يعقوب ليوسف واليوم ماذا ؟؟عدت لتقول لي سها انا مراد هذه الجملة بسيطة وحقيرة امام كلمة واحدة وهي انتظرتك...انتظرتك كفاية وما سقط كان سهوا وما مرعلي كان سهوا وحبي لك لم يكن لهوا وانتظرتك لكنك اطلت المكوث في هجرانك ولم تكتب لي ...
مرت السنون وانطفات شموعي وجفت دموعي وانا انتظر على حافة الطريق وابحث عن وجهك في وجوه الاخرين ...غابت تقاسيم وجهك واختفت الشمس مع اختفائك ادمنتك لكنك رحلت وخلفتني للهلوسة اطلب حقنة الموت وصورتك ...صورتك التي حملتها في قلبي وعقلي وجيب معطفي ..حقنة واحدة توسلتك حقنتي هي مكالمة واحدة منك ....تذكار على هامش السيرة هكذا قضيت سنواتي والان لماذا عدت بعد ان شفيت منك..لماذا عدت ؟؟؟انا غير مستعدة لسماعك فكلماتك لا تعنيني اكتفيت واكتفت الحياة فعد ادراجك فانا عاجزة عن النظر في عينيك لاني لا المح فيهما سوى الخيانة ....الخيانة والحب لا يلتقيان كانت هذه الكلمات اخر ما لفظته ثم غادرت المكان وتركته ورائي كما تركني ذات يوم في نفس المكان ...عاد اليتيم الى وكره ليضمد جراحه ..عدت اضرب الخطى مرة اخرى لكن هذه المرة سارعت الخطى الى تلك الزاوية حيث تقبع تلك القطة الشريدة اتخذت لنفسي مكانا بجانبها وجلست كنا وسط الظلام توقفت السماء عن الامطار وغاب كل شيئ عن الانظار وعدت انا الى المنزل ومعي قصيدة وخاطرة نظمتهما في تلك الليلة الماطرة ...عدت لكن في وقت متاخر ...دخلت غرفتي نزعت معطفي والقيت بنفسي المتعبة على سريري حاولت النوم لكن جزافا فمحاولاتي الكثيرة باءت بالفشل ...خطر ببالي ان اخرج الى شرفتي وان القي بذاكرتي الى العدم لكني عدلت عن ذلك عندما رن هاتفي ووصلتني المكالمة اخذت حقنتي الاخيرة ولفظت معها انفاسي الاخيرة ...رحلت وخلفت ورائي قصيدة وخاطرة