رغم لحظات ربيع العمر التي نعيشها ..
فإننا نرى أحزان خريفه تتسلل إلى أغصاننا الغضة كي تقسيها ..
وتسرق من أوراقنا الخضراء رونقها لتمنحها لوناً باهتاً يفتقد معنى الحياة ..
تجرحنا بكلماتها
تؤلمنا بقسوة أناسها
وتجبرنا على البكاء بصمت ..!
نبكي بصمت ولا نستطيع البوح ..
ونجعل قلوبنا الجريحة تأن أيضا بصمت ..
ولكنه صمت قاتل ..
وكل ذلك حتى لا نثير مشاعر الحزن فيمن حولنا ..
حتى نحصر الحزن في قلوبنا التي ثملت من الأحزان ..!
وربما كي لا نظهر في شموخنا انكسار قد يجعل البعض يرمقنا بنظرات الشفقة ..
وقد يستغل البعض الآخر لحظات الضعف هذه بخبث ..
ليجعلنا فيما بعد رهن لتهديداته المخيفة ..
تغتالنا الأحزان ..
لأننا فقدنا قلوباً سكنتنا وسكناها ..
ولكن ..
أجبرها الرحيل بأن تحيا بعيدة عنا ..
أجبرها البعد بأن تفارق أعيننا ..
وأجبرها الموت على توديعنا لنحيا باقي العمر بدونها ..!
نعيش ذكراها
نقصد عالمها
ونبكي لحظاتنا في غيابها ..
ويتألم القلب
يصرخ مستنجداً بعمر قد مضى معهم كي يعود ..
ولكنه حتماً لا يعود!
تغتالنا الأحزان ..
لأننا سمحنا لها بأن تستعمر مساحات الفرح في قلوبنا ..
واستسلمنا لها ..
وجعلناها لنا موطناً نعود إليه في كل حين أردنا ..
فنحيا به الماضي .. والحاضر.. والمستقبل !
ليبدو لنا الحاضر والمستقبل ..
هي نفسها صفحات الماضي تلك التي نقلبها باستمرار وكأننا نرفض أن نحيا من أجل عمر آخر ..
من أجل قلوب أخرى متعلقة بنا ! وعلقت آمالها علينا ..
فهل تهون علينا تلك القلوب أن تعيش معاناة لم تكن لتقصدها يوما ..؟
وكل ذلك فقط لأنها قصدت قلوبنا لتكون لها سنداً ودفئاً وأماناً ؟ أوهذا جرمها ؟
إن كان هو فإنها لا تستحق أن تعيش معاناتنا وألمنا ..
بل حري بنا أن نسعد ونجدد لحظات العمر ..
لأن هذه القلوب تستحق أن نعيش الفرح من أجلها ..
فلنتناسى الآلام ونحيا من أجل تلك القلوب ..
ومن أجل أن نوقف هذه السلسلة اللامتناهية من المعاناة ..
و لنبتسم للحياة .. وإن لم ننل من وجهها سوى العبوس والتجهم