"الوضوء"غسلٌ للروح والقلب.. فكيف تستمتع به؟!
جلس صديقان ذات مرة يتحدثان عن الوضوء، فقال أحدهما للثاني: "كيف تتوضأ!"، فرد ببرود: "كما يتوضأ جميع الناس!"، فسأله: "وكيف يتوضأ الناس؟!"، أجاب: "كما تتوضأ أنت!!"، فضحك وقال: "ولكن وضوئي يختلف عن الجميع!"، فعلق صاحبه: "إذًا صلاتك باطلة".. فشرح له أنه يستشعر نفسه في حالة روحانية عندما يتوضأ.
عزيزي القارئ.. كم مرة استشعرت فعلاً أن الوضوء بحد ذاته عبادة؟! فللعبادات معانٍ كريمة، من فقدها فقد كل شيء، ومن وجدها وجد فيها الخير كله، وقد نقل عن بعض من سلف من الصالحين قولهم: "والله إن كانت لتمر علينا الساعات، نقول بعدها: والله لئن كان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه إنهم لفي خير عظيم".
وما ذاك إلا استشعار منهم بجميل العبادات الكريمة التي يؤدونها بين يدي الله تعالى، وهذه الحلاوة التي يجدها العابدون هي الحلاوة التي قال عنها قائلهم: "والله لو علم الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف"، "فلسطين" حاورت الداعية د. وائل الزرد لتعرف أكثر كيف يمكن للشخص أن يستمتع بالوضوء.. والتفاصيل في السياق التالي..
خطأ كبير
يبدأ د. الزرد حديثه: "من الظلم أن يتوضأ المسلم دون استشعار منه أن الوضوء عبادة أصلا، وإن هي إلا غسل للأعضاء فحسب"، مبينًا أن هذا خطأ بيّن فاحش يقع فيه أغلب الناس.
ويشير إلى أن الوضوء مقدمة للصلاة فإحسان الوضوء إحسان لها، لافتًا إلى أن للوضوء متعة وسمو ورفعة ومعاني جميلة، ويستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ المسلم فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه، فإذا غسل رجليه، خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه، حتى يخرج نقياً من الذنوب".
وينوه إلى أنه في رواية أخرى للحديث: "فإن هو قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه، وفرّغ قلبه لله تعالى انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه"، مضيفًا: "لابد من استشعار أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ليس سوى نور يغسل به القلب في الحقيقة".
ويكمل: "عندما يحاول الشخص جمع قلبه وهو في لحظات الوضوء يجد أنه يشحنه بمعانٍ سماوية كثيرة، يصقل بها القلب صقلاً عجيبًا، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة"، منوهًا إلى أن ذلك مدعاة للوضوء مع كل صلاة، "بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية"، وفق قوله.